الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة مسرحية الصابرات : تعرية عالم "الماخور" بفنية وجرأة

نشر في  26 أكتوبر 2015  (10:07)

مثلما طرحت مسرحية "الصابرات" عدم القدرة على الإصلاح والمعالجة عبر القوة والعنف فقد اختار مخرجها حمادي الوهايبي في أول تجربة له على رأس إدارة مركز الفنون الدرامية والركحية بالقيروان، الجرأة واعتماد لغة مسرحية سهلة لكنها قوية أيضا في تناول قضية "بائعات الهوى" والظروف التي حملتهن إلى امتهان هذه المهنة المنبوذة والمرفوضة في أعراف المجتمع وتقاليده وذلك دون أن ينخرط العمل في إصدار الأحكام الأخلاقية أو غيرها بل يفتح مجال البحث في أسباب ودوافع اختيار "الماخور" كمحطة نهائية بعد المرور عبر مسالك المخدرات والسرقة والتهريب من قبل البعض من أجل توفير لقمة العيش.
 
فانطلاقا من حادثة اعتداء المنتمين إلى التيارات السلفية على محلات "بيع الهوى" وغلقها وتدميرها بالقوة يظهر على الركح ثلاثة فتيات في مهب الريح وهن كل من السيدة وزهيرة ورباب على نفس الخط في الناحية الأخرى "عزيزة" المسئولة على تشغيلهن ومعها ابنها اللقيط خميس الذي خبر السجن وعالم نشأ وتربى في أحضانه ليكون ملاذا ودليلا للفتيات بعد أن أغلقت الأبواب أمامهن.
 
ويبدو أن كاتب النص فوزي العربي السنوسي قد بحث كثيرا في هذا الجانب على نحو تناول العرض تفاصيل وجزئيات هذا العالم الذي كانت قضايا المحاكم تشير وتكشف في كل مناسبة عن جانب منها. خاصة من خلال كشف كل واحدة عن دوافع دخولها "الميدان" والرحلة مع "طريق المستقيم" التي أجبرتهن الظروف عليها في فترة ما.
 
فالمسرحية يجسدها على الركح خمس ممثلين هم كل من خديجة البكوش ومريم بن حسن وإشراف الطمومي ورابعة الجلالي وحسام الغريبي. ورغم أنه العرض الأول لهم بعد سبعة أشهر من التحضيرات فقد بدوا متمرسين على الركح على نحو سيطروا بحضورهم على شد المتفرج لمدة أكثر من ساعة وعشرين دقيقة مدة العرض.
 
فالمسرحية خاضت في تفاصيل عالم "الماخور" بتناول المحيط الذي يتغذى منه من خلال الخوض في الدوافع والأسباب التي تدفع بعدد من الفتيات للتحول إلى "بائعات هوى" وتعرية خفايا هذا العالم والصعوبات التي يواجهنها والخصوصيات التي يتطلبها.
 
فكانت الإضاءة والديكور والملابس والحركات خادم لمضمون المسرحية على نحو كانت الحركات الجنسية والرقص والإثارة والتلفظ بما يحيل إلى هذا العالم أدوات ركز عليها العرض بمباشراتية مفضوحة أحيانا ووجدت الصدى الكبير لدى المتفرج.
 
لينتهي العرض من حيث بدأ بعرض لكن بتبادل في الأدوار من خلال عرض شريط مصور للفتيات وقد حولن الشارع وساحة "الجنرال" إلى فضاء لممارسة مهنتهن بعد العجز عن التوصل للهجرة إلى "الخليج".